top of page

توتر متصاعد في الساحة التعليمية: بين وعود الوزارة وتلويح النقابات بالتصعيد

Dernière mise à jour : 31 juil.

ree

تخيم أجواء من التوتر والقلق على المشهد التعليمي في المغرب، مع اقتراب نهاية الموسم الدراسي، حيث يبدو أن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة لم تتمكن من احتواء الاحتقان المتزايد الذي خلفته جملة من المشاكل العالقة. تقود خمس نقابات تعليمية الأكثر تمثيلية دفة المفاوضات مع الوزارة، لكن التقدم المحرز كان بطيئًا وغير كافٍ، مما دفع هذه النقابات إلى التلويح بـإضرابات التعليم بالمغرب ووقفات احتجاجية التعليم، ووضع مصير الدخول المدرسي القادم على المحك.

لطالما كانت العلاقة بين الوزارة والنقابات تتسم بالشد والجذب، خاصة مع استمرار الحديث عن إصلاح التعليم وضرورة تحسين ظروف عمل نساء ورجال التعليم. إلا أن الفترة الأخيرة شهدت تزايدًا في حدة الخلافات، لاسيما بعد إعلان التنسيق النقابي الخماسي عن رفضه القاطع لبرمجة دورات تكوينية لـالمدرسة الرائدة المغرب ومشروع المدرسة الرائدة بعد موعد توقيع محاضر الخروج. هذا الرفض جاء مدفوعًا بما وصفوه بـ"الارتجالية والتردد في تدبير التكوين" من قبل الوزارة، ودعوا جميع العاملين في القطاع إلى مقاطعة هذه الدورات التكوينية، مطالبين الوزارة باحترام القرار الوزاري رقم 077.24 الخاص بـمحاضر الدخول والخروج لفئة المختصين التربويين.


اتهامات متبادلة: مسؤولية الاحتقان على عاتق الحكومة والوزارة


الجامعة الوطنية للتعليم (الاتحاد المغربي للشغل)، والنقابة الوطنية للتعليم (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل)، والجامعة الحرة للتعليم (الاتحاد العام للشغالين بالمغرب)، والجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي)، والنقابة الوطنية للتعليم (الفدرالية الديمقراطية للشغل)، وهي النقابات الخمس المكونة للتنسيق، وجهت اتهامات صريحة للحكومة والوزارة. حملتهما مسؤولية "تهديد استقرار العلاقات المهنية والسلم الاجتماعي وعودة الاحتقان، في ظل تنامي التذمر واليأس وفقدان الثقة وتغذية الاحتجاج وتأجيجه".

جاء هذا التصعيد بعد اجتماع للنقابات الأسبوع الماضي، خصص للتداول حول مستجدات تنزيل اتفاقي 10 و26 دجنبر 2023. وقد سجل المسؤولون النقابيون "استمرار تلكؤ الحكومة ووزارة التربية الوطنية في تنزيل بعض الالتزامات الموقعة، ومعها العديد مما تم التوافق عليه بأشغال اللجان التقنية ذات الصلة بأجرأة مواد النظام الأساسي لموظفي الوزارة المكلفة بالتربية الوطنية". هذا التلكؤ أثار تساؤلات جدية حول جدوى الحوار واجتماعات اللجان التقنية، مما يعكس حالة من الإحباط العميق داخل الأوساط النقابية.


"الانقلاب على الاتفاقات": خرق لمبدأ التعاقد وبناء الثقة


اعتبرت النقابات أن "الانقلاب على الاتفاقات المبرمة خرقًا صارخًا لمبدأ التعاقد واحترام المؤسسات وبناء الثقة، وفي مقدمتها مؤسسة الحوار في قطاع التعليم الذي له ضوابطه وأعرافه للأسف يتم تجاوزها". هذا التصريح يعكس حجم الأزمة الثقة بين الطرفين، ويشير إلى تدهور في آليات الحوار الاجتماعي التي طالما اعتبرت ركيزة أساسية لحل النزاعات في القطاع.

في هذا السياق، أكد يونس فراشن، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن موقف التنسيق النقابي "جاء ردًا على عدم وفاء الوزارة بالتزاماتها، وكذا تنفيذ الاتفاقات التي وقعت مع الحكومة، رغم كل الوعود والآجال التي أعطيت في إطار اللجان التقنية التي اجتمعت". وأعرب فراشن عن أسفه لعدم تنفيذ الوزارة لحد الساعة مجموعة من مواد النظام الأساسي، بالإضافة إلى عدد من القضايا التدبيرية والالتزامات التي وردت ضمن الاتفاقات، وعلى رأسها التعويض التكميلي لفائدة مجموعة من الفئات، ومراجعة ساعات العمل، مشيرًا إلى عدم وجود مؤشرات على تنفيذها في الأفق القريب. هذه التطورات تثير قلقًا بشأن استقرار الأوضاع في القطاع التعليمي وتؤثر سلبًا على الأسرة التعليمية.


إذلال نساء ورجال التعليم والتلويح ببرنامج نضالي جديد


لم تقتصر الانتقادات النقابية على مسألة الاتفاقات والتلكؤ في التنفيذ، بل امتدت لتشمل "استمرار الوزارة في محاولة إذلال نساء ورجال التعليم، من خلال منعهم من توقيع محاضر الخروج، بدعوى برمجة دورات تكوينية". هذا الإجراء، الذي وصفته النقابات بـ"المهين"، دفع التنسيق النقابي إلى اتخاذ قرار بخوض اعتصامات أمام جميع المديريات الإقليمية، في خطوة تصعيدية تعكس حجم الغضب والاستياء.

تعهد يونس فراشن بأنه "إذا لم تنفذ الوزارة التزاماتها، سيخوض التنسيق الخماسي بالمقابل برنامجًا نضاليًا جديدًا بداية الدخول المدرسي، بسبب استهتار وزارة التربية الوطنية، وعدم مسؤوليتها وعدم تنفيذ التزاماتها". هذا التحذير الصارم يضع الكرة في ملعب الوزارة، ويشير إلى أن الموسم الدراسي القادم قد يشهد موجة جديدة من الاحتجاجات إذا لم يتم التوصل إلى حلول جذرية للمشاكل العالقة.


بلاغ مشترك: دعوة للتعقل وتذكير بالمطالب الملحة


جدد التنسيق النقابي الخماسي، في بلاغ مشترك، الدعوة للحكومة والوزارة قصد "التعقل الزمني والموضوعاتي إزاء تنزيل بنود اتفاقي 10 و26 دجنبر 2023 ومواد النظام الأساسي الجديد وتوافقات أشغال اللقاءات التقنية". شدد البلاغ على ضرورة التزام وزارة التربية الوطنية بتنظيم اجتماعات مسؤولة وناجعة ومنتجة وفق ما تم اعتماده باللجنة العليا، والإقرار الفوري لـالتعويض التكميلي لأساتذة التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والأطر المختصة، وصرف التعويض عن العمل بالمناطق النائية والصعبة منذ شتنبر 2024. هذه المطالب تعكس حاجة ملحة لتحسين الظروف المادية والمهنية لعدد كبير من العاملين في القطاع.


تفاصيل المطالب النقابية: من ساعات العمل إلى جبر الضرر


وفقًا للبلاغ المشترك، شملت مطالب التنسيق النقابي أيضًا "مراجعة وتخفيض عدد ساعات العمل للأطر العاملة بالمؤسسات التعليمية، خاصة أطر التدريس بالأسلاك الثلاثة، وصرف التعويض التكميلي للمساعدين التربويين المنصوص عليه في اتفاق 10 دجنبر 2023". كما طالبت النقابات بـ"الإسراع بأجرأة المادة 89 من النظام الأساسي التي تتيح استرجاع المبالغ المالية المقتطعة من أجور المتصرفين التربويين (الإسناديين)، إضافة إلى جبر ضرر المتصرفين التربويين ضحايا ترقيات 2021، 2022 و2023".

وتضمنت المطالب كذلك "إحداث تعويض عن الإطار للمتصرف التربوي يلائم ملمحه المهني ومكانته التدبيرية، وتنزيل مقتضيات الفقرة ب من المادة 22 من النظام الأساسي، وإقرار التعويض التكميلي لمتصرفي قطاع التعليم (المتصرفين الأطر المشتركة ومتصرفي التربية الوطنية)، وإصدار النظام الأساسي لمبرزي التربية والتكوين، والتسوية المنصفة لالملفات التدبيرية (الأساتذة العرضيين، أساتذة مدارس.كم، منشطي التربية غير النظامية ومحو الأمية، أساتذة سد الخصاص، حاملي قرارات التعيين)، إضافة إلى صرف التعويض التكميلي لكل أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي العاملين خارج السلك التأهيلي، وكذا التأشير على قرارات تغيير الإطار طبقًا للمادة 77 من النظام الأساسي، والإسراع بتنظيم مباراة الأساتذة الباحثين على قاعدة الشفافية والإنصاف والاستحقاق". هذه المطالب الشاملة تعكس مجموعة واسعة من القضايا التي تؤرق الشغيلة التعليمية، وتتطلب استجابة فورية من الوزارة.


مستقبل التعليم في المغرب: بين التعبئة والاحتجاج


يرى التنسيق النقابي الخماسي أن خيار العودة للاحتجاج تتهيأ شروطه بالممارسات السالفة الذكر للحكومة والوزارة. ودعا الأسرة التعليمية إلى مواصلة التعبئة وتكثيف الاستعداد لخوض النضالات الوحدوية الكفيلة بالدفاع عن الحقوق وانتزاع المطالب وصون المكتسبات وبما يحفظ الكرامة والعدالة الاجتماعية.

في ظل هذه المستجدات، يبدو أن مستقبل التعليم في المغرب يتوقف بشكل كبير على قدرة الوزارة على احتواء هذا التوتر والاستجابة لمطالب النقابات التعليمية المغرب المشروعة. فاستمرار حالة الاحتقان قد يؤثر سلبًا على سير العملية التعليمية برمتها، ويضع عراقيل أمام جهود إصلاح التعليم في المملكة. من المهم أن يتم تفعيل الحوار الاجتماعي بشكل بناء ومنتج لتفادي مزيد من التصعيد وضمان استقرار القطاع. إن أخبار التعليم اليوم تشير إلى أن الوضع يتطلب تدخلاً عاجلاً وحلولاً عملية تضمن حقوق الجميع وتصون كرامة رجال ونساء التعليم. تنسيق النقابات التعليمية يعكس وحدة صف وقوة مطالب.

Commentaires

Noté 0 étoile sur 5.
Pas encore de note

Ajouter une note
bottom of page