top of page

من القانون الإطار لخارطة الطريق: مدرسة الريادة بالمغرب

  • صورة الكاتب: TA3LIM24
    TA3LIM24
  • 6 يوليو
  • 7 دقيقة قراءة

بالتأكيد، إليك مقال مطول حول التعليم في المغرب، مع التركيز على مدرسة الريادة، قانون الإطار، خارطة الطريق، وتعميم إعداديات الريادة، مع الحرص على أن يكون المقال أصيلاً وخالياً من أي حقوق ملكية أو نسخ:



ree

يشكل التعليم ركيزة أساسية لأي نهضة مجتمعية واقتصادية، وفي المغرب، يظل هذا القطاع في صلب الأولويات الوطنية، مدفوعاً بإرادة ملكية سامية ورؤى استراتيجية تهدف إلى بناء رأس مال بشري قادر على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين. على مر العقود، شهد النظام التعليمي المغربي إصلاحات متتالية، بعضها كان عميقاً والآخر يواجه تحديات في التطبيق. ومع ذلك، تشهد المرحلة الراهنة حراكاً إصلاحياً جديداً ومكثفاً، يتجلى في محاور رئيسية كبرى مثل القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وخارطة الطريق 2022-2026، بالإضافة إلى مبادرات نوعية على رأسها مدرسة الريادة، ومشروع تعميم إعداديات الريادة. هذه المكونات المتكاملة ترسم ملامح مستقبل واعد للتعليم في المغرب، يضع الجودة والإنصاف والتنافسية في صدارة أهدافه.


السياق التاريخي والتحديات الراهنة للتعليم المغربي


لطالما كان التعليم في المغرب محور اهتمام خاص منذ استقلال البلاد، حيث بذلت جهود كبيرة لتعميم الولوج وتوسيع البنية التحتية. ومع ذلك، وعلى الرغم من التقدم المحرز في مجالات مثل محو الأمية وولوج الفتاة إلى المدرسة، لا يزال النظام التعليمي يواجه تحديات هيكلية ومعرفية. من أبرز هذه التحديات:

  • ضعف جودة التعلمات: تظهر المؤشرات الدولية والوطنية، مثل نتائج تقييمات PISA و TIMSS، فجوات في مستوى التحصيل الدراسي لدى التلاميذ، خاصة في المواد الأساسية كالرياضيات والعلوم والقراءة.

  • الهدر المدرسي: على الرغم من انخفاض معدلات الهدر في السنوات الأخيرة، إلا أنه لا يزال يشكل عائقاً أمام تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص، خاصة في العالم القروي وبين الفئات الهشة.

  • عدم ملاءمة التكوين لسوق الشغل: يواجه خريجو التعليم العام تحديات في الاندماج المهني، مما يسلط الضوء على ضرورة مراجعة المناهج والبرامج لتلبية احتياجات الاقتصاد الوطني المتغيرة.

  • الفوارق المجالية والاجتماعية: لا تزال هناك فوارق واضحة في جودة التعليم بين المدن والقرى، وبين المدارس العمومية والخاصة، مما يكرس عدم المساواة في فرص التعلم.

  • نقص التكوين المستمر للأطر التربوية: يعتبر التكوين المستمر للمدرسين والإداريين عنصراً حيوياً لتطوير الممارسات البيداغوجية والإدارية، وهو مجال يتطلب تعزيزاً مستمراً.

هذه التحديات المعقدة تتطلب مقاربة شاملة ومتكاملة، وهو ما تسعى الرؤية الجديدة للتعليم في المغرب لتحقيقه من خلال إطار قانوني واضح وخارطة طريق تنفيذية.


القانون الإطار 51.17: مرجعية الإصلاح الشامل


يُعد القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي بمثابة الميثاق الوطني الجديد للتربية والتكوين، وهو يكتسي أهمية بالغة لكونه يحدد الإطار المرجعي للإصلاح ويضفي عليه طابع الإلزامية. بعد سنوات من النقاش والتشاور، جاء هذا القانون ليترجم الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 إلى التزامات قانونية ملزمة للدولة وجميع الفاعلين. من أبرز مبادئه ومقتضياته:

  • إلزامية التعليم: يؤكد القانون على إلزامية التعليم بالنسبة لجميع الأطفال في سن التمدرس، مع التأكيد على دور الأسرة والدولة في ضمان هذا الحق.

  • الإنصاف وتكافؤ الفرص: ينص القانون على ضمان الحق في ولوج تعليم ذي جودة للجميع، دون تمييز، مع إيلاء اهتمام خاص للفئات في وضعية صعبة.

  • الجودة في التعلمات: يركز القانون على تحسين جودة التعلمات عبر مراجعة المناهج والبرامج، وتطوير أساليب التقييم، وتعزيز التكوين الأساس والمستمر للأطر التربوية.

  • الحكامة الجيدة: يدعو القانون إلى ترشيد وعقلنة تدبير الموارد البشرية والمالية، وتعزيز اللامركزية واللاتمركز، وإشراك جميع الفاعلين في تدبير المنظومة.

  • ربط التعليم بسوق الشغل: يؤكد القانون على ضرورة ملاءمة التكوينات مع حاجيات الاقتصاد الوطني والتحولات السوسيو-اقتصادية، عبر تطوير مسالك التكوين المهني وتشجيع الابتكار.

  • تطوير البحث العلمي: يولي القانون أهمية قصوى للبحث العلمي باعتباره محركاً للابتكار والتنمية، ويدعو إلى تعزيز مكانة الجامعات كمراكز للبحث والتميز.

يمثل القانون الإطار وثيقة مرجعية تحكم مسار الإصلاح لعدة عقود قادمة، وتوفر إطاراً قانونياً متيناً لضمان استمرارية الإصلاحات وتأمين الموارد اللازمة لتنفيذها.


خارطة الطريق 2022-2026: ترجمة الرؤية إلى عمل


تعتبر خارطة الطريق 2022-2026 "من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع" البرنامج العملي الذي يترجم مبادئ القانون الإطار إلى أهداف عملية وإجراءات تنفيذية محددة في أفق زمني واضح. ترتكز هذه الخارطة على ثلاثة محاور رئيسية متكاملة، تهدف إلى إحداث تحول نوعي في المدارس العمومية المغربية:

  1. المحور الأول: التلميذ محور العملية التعليمية: يركز هذا المحور على تحسين جودة التعلمات، وتوفير بيئة تعليمية محفزة، وضمان التتبع الفردي للتلاميذ. من أبرز الإجراءات في هذا السياق:

    • تطوير المناهج والبرامج: مراجعة المناهج الدراسية لتكون أكثر جاذبية وملاءمة لاحتياجات التلاميذ، مع التركيز على الكفايات الأساسية.

    • دعم ومعالجة التعثرات: إرساء آليات منهجية ومنظمة لدعم التلاميذ الذين يواجهون صعوبات في التعلم.

    • الأنشطة الموازية واللاصفية: تعزيز الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية لتنمية شخصية التلميذ بشكل متوازن.

    • الرقمنة في التعليم: إدماج التكنولوجيات الرقمية في العملية التعليمية التعلمية لتحديث الممارسات البيداغوجية.

  2. المحور الثاني: الأستاذ، فاعل التغيير والارتقاء: يُعد الأستاذ عنصراً محورياً في أي إصلاح تعليمي ناجح. يهدف هذا المحور إلى الارتقاء بمهنة التعليم وتوفير الظروف الملائمة للأستاذ ليؤدي مهامه على أكمل وجه:

    • تكوين الأساتذة: مراجعة وتحديث برامج التكوين الأساس والمستمر للأساتذة، مع التركيز على البيداغوجيات الحديثة ومهارات التدريس الفعال.

    • تحفيز الأساتذة: وضع آليات لتحفيز الأساتذة وتوفير بيئة عمل محفزة ومشجعة على الإبداع والابتكار.

    • تطوير المسار المهني: توفير فرص للترقية والتطور المهني للأساتذة.

  3. المحور الثالث: المدرسة، فضاء للتأهيل والارتقاء: يركز هذا المحور على جعل المدرسة فضاءً جذاباً ومحفزاً للتعلم، ومفعلاً لدوره في بناء المواطنة:

    • البنية التحتية للمؤسسات التعليمية: تحديث وتجهيز الفصول الدراسية والمرافق المدرسية لتكون أكثر ملاءمة.

    • الحكامة المؤسساتية: تعزيز صلاحيات مديري المؤسسات وتزويدهم بالأدوات اللازمة لتدبير فعال.

    • الشراكة مع الأسرة والمجتمع: تعزيز دور جمعيات آباء وأولياء التلاميذ وفتح المدرسة على محيطها السوسيو-اقتصادي.

تعد خارطة الطريق هذه إطاراً ديناميكياً قابلاً للتكيف، وتلتزم الحكومة بتخصيص الموارد المالية والبشرية اللازمة لتنفيذها بفعالية، بهدف إحداث تحول ملموس في جودة التعليم العمومي.


مدرسة الريادة: نموذج للتميز والجودة


تعد مدرسة الريادة مبادرة طموحة ونموذجاً جديداً للمؤسسات التعليمية العمومية، تهدف إلى إحداث قطيعة مع الممارسات التقليدية والارتقاء بجودة التعلمات بشكل ملموس. انطلقت هذه التجربة في عدد محدود من المدارس الابتدائية والإعدادية كنموذج رائد، تمهيداً لتعميمها. ترتكز مدرسة الريادة على مجموعة من المبادئ الأساسية:

  • التركيز على الكفايات الأساسية: تتبنى مدرسة الريادة مقاربة تعليمية تركز على إتقان التلاميذ للكفايات الأساسية في القراءة، الكتابة، الرياضيات، والعلوم، قبل الانتقال إلى مفاهيم أكثر تعقيداً.

  • البيداغوجيا النشيطة والفعالة: تشجع مدرسة الريادة على اعتماد بيداغوجيات حديثة ومتطورة، مثل بيداغوجيا المشروع، بيداغوجيا اللعب، والتعلم التعاوني، التي تجعل التلميذ محور العملية التعليمية.

  • التكوين المكثف والمستمر للأساتذة: يتلقى أساتذة مدارس الريادة تكويناً خاصاً ومكثفاً في البيداغوجيات الجديدة، وفي آليات تفريد التعلم وتتبع المسار الدراسي لكل تلميذ.

  • الإدارة التربوية الفاعلة: يتميز مديرو مدارس الريادة باستقلالية أكبر في اتخاذ القرارات الإدارية والتربوية، ويتم دعمهم ليكونوا قادة تربويين حقيقيين.

  • التقييم المنتظم والتتبع الفردي: يتميز نموذج مدرسة الريادة بنظام تقييم منتظم لأداء التلاميذ والأساتذة، مع تتبع دقيق للمسار الدراسي لكل تلميذ لتحديد نقاط القوة والضعف وتقديم الدعم اللازم.

  • الشراكة مع الأسرة والمجتمع: تعتبر الشراكة مع أولياء الأمور والمجتمع المحلي جزءاً لا يتجزأ من نموذج مدرسة الريادة، لضمان انخراط الجميع في دعم مسار التعلم.

  • البنية التحتية والتجهيزات: توفير فضاءات تعليمية محفزة ومجهزة بأحدث الوسائل التكنولوجية والديداكتيكية.

تمثل مدرسة الريادة مختبراً حقيقياً لتجريب المقاربات البيداغوجية الجديدة، وتهدف إلى بناء نموذج تعليمي يمكن أن يحتذى به على نطاق واسع. النتائج الأولية من المدارس التي اعتمدت هذا النموذج تبشر بالخير، وتشير إلى تحسن ملموس في مستوى التحصيل الدراسي للتلاميذ.


تعميم إعداديات الريادة: نحو نقلة نوعية في التعليم الثانوي الإعدادي


بعد النجاح النسبي لمرحلة تجريب مدرسة الريادة في التعليم الابتدائي، تتجه وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة نحو تعميم هذا النموذج على مستوى التعليم الثانوي الإعدادي، في خطوة استراتيجية تهدف إلى إحداث نقلة نوعية في هذا السلك التعليمي الحيوي. يمثل مشروع تعميم إعداديات الريادة في 5000 إعدادية رؤية طموحة وكبيرة، تعكس التزاماً قوياً بتحسين جودة التعليم في مرحلة حاسمة من المسار الدراسي للتلميذ.

يهدف تعميم إعداديات الريادة إلى:

  • معالجة التعثرات الدراسية المبكرة: يعتبر التعليم الإعدادي مرحلة حاسمة لتحديد المسار الدراسي للتلميذ، وتعزيز قدراته الأكاديمية. من خلال نموذج الريادة، سيتم التركيز على معالجة التعثرات التي قد تكون تراكمت في المرحلة الابتدائية، وتزويد التلاميذ بالأسس المعرفية والمنهجية اللازمة للانتقال بنجاح إلى التعليم الثانوي التأهيلي.

  • تطوير الكفايات العرضانية: بالإضافة إلى الكفايات الأساسية، ستعمل إعداديات الريادة على تطوير الكفايات العرضانية لدى التلاميذ، مثل التفكير النقدي، حل المشكلات، الإبداع، التواصل، وروح المبادرة، والتي تعتبر ضرورية للنجاح في الحياة الشخصية والمهنية.

  • الاستثمار في تكوين الأساتذة: يتطلب تعميم هذا النموذج تكويناً مكثفاً ومستمراً لآلاف الأساتذة العاملين في التعليم الإعدادي، لتمكينهم من اعتماد البيداغوجيات الجديدة وتطبيق مقاربات تفريد التعلم. هذا التكوين لن يقتصر على الجانب البيداغوجي فحسب، بل سيمتد ليشمل الجانب النفسي والاجتماعي لدعم التلاميذ.

  • تحديث البنية التحتية والتجهيزات: سيتطلب تعميم إعداديات الريادة استثماراً كبيراً في تحديث وتجهيز المؤسسات التعليمية، وتوفير الموارد الديدكتيكية والرقمية اللازمة لدعم التعلم.

  • تعزيز دور الإدارة التربوية: سيتم تعزيز صلاحيات مديري إعداديات الريادة وتزويدهم بالتدريب اللازم لقيادة مشاريع التغيير داخل مؤسساتهم.

  • توسيع نطاق الشراكات: سيتم تعزيز الشراكات مع الجامعات، مراكز البحث، القطاع الخاص، والمجتمع المدني، لتوفير بيئة تعليمية غنية ومتنوعة للتلاميذ.

إن التحدي الأكبر في تعميم إعداديات الريادة على نطاق 5000 مؤسسة يكمن في ضمان الجودة والاستمرارية، وتوفير الموارد البشرية والمالية الكافية، بالإضافة إلى إدارة هذا التحول الضخم بفعالية. يتطلب الأمر تعبئة وطنية شاملة، وانخراطاً قوياً من جميع الفاعلين: الوزارة، الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، المديريات الإقليمية، مجالس الأسر، والمجتمع ككل.


التحديات والآفاق المستقبلية


على الرغم من الطموح الكبير الذي يحمله هذا الإصلاح، لا تخلو خارطة الطريق ومشروع الريادة من تحديات جسيمة تتطلب مقاربة استراتيجية ومستمرة:

  • الموارد المالية والبشرية: يتطلب تعميم نموذج الريادة استثماراً مالياً ضخماً وتعبئة آلاف الأطر التربوية والإدارية، وهو ما يفرض تحدياً كبيراً على الميزانية العامة للدولة وقدرة النظام على استقطاب وتكوين الكفاءات.

  • مقاومة التغيير: قد يواجه الإصلاح مقاومة من بعض الفاعلين، سواء من داخل المنظومة التعليمية أو من خارجها، مما يتطلب استراتيجيات تواصل فعالة ومقاربات تشاركية لضمان انخراط الجميع.

  • ضمان الجودة والاستمرارية: يكمن التحدي في ضمان أن يكون نموذج الريادة ليس مجرد مشروع مؤقت، بل تحولاً هيكلياً يضمن جودة مستمرة في جميع المؤسسات المعنية، وليس فقط في عدد محدود من المدارس النموذجية.

  • التقييم والمتابعة: يجب أن يكون هناك نظام تقييم ومتابعة صارم لمدى تقدم الإصلاح وتأثيره على جودة التعلمات، مع القدرة على تكييف الخطط والاستراتيجيات بناءً على النتائج المحققة.

  • تكييف المناهج والبرامج: يجب أن تتواكب المناهج والبرامج مع التطورات السريعة في المعرفة والتكنولوجيا، وأن تكون قادرة على تلبية متطلبات سوق الشغل المتغيرة.

ومع ذلك، فإن الآفاق المستقبلية للتعليم في المغرب تبدو واعدة، فمن خلال التكامل بين القانون الإطار، خارطة الطريق، ومبادرات مثل مدرسة الريادة وتعميم إعداديات الريادة، يسعى المغرب إلى بناء نظام تعليمي عصري، منصف، ومنفتح، قادر على إعداد أجيال من المتعلمين المؤهلين للمساهمة بفعالية في بناء مغرب الغد. هذا التحول لا يقتصر على تحسين جودة التعليم فحسب، بل يهدف إلى إرساء مجتمع المعرفة، وتعزيز قيم المواطنة، والارتقاء بالمغرب إلى مصاف الدول الصاعدة التي تضع رأس المال البشري في صدارة أولوياتها التنموية.

تعليقات

تم التقييم بـ 0 من أصل 5 نجوم.
لا توجد تقييمات حتى الآن

إضافة تقييم
bottom of page