top of page

الصراع المحتدم بين النقابات التعليمية ووزارة التربية الوطنية: مطالب معلقة وتصعيد مرتقب

Dernière mise à jour : 14 juil.

ree

 يشهد قطاع التعليم بالمغرب في الآونة الأخيرة تصعيدًا متزايدًا في حدة الصراع بين التنسيق النقابي الخماسي الأكثر تمثيلية ووزارة التربية الوطنية، وذلك على خلفية "تلكؤ الحكومة والوزارة الوصية" في الوفاء بالتزاماتها وتنزيل الاتفاقات المبرمة. هذا الوضع يعيد إلى الواجهة سؤال "مدى جدوى الحوار واجتماعات اللجان التقنية" ويهدد الاستقرار المهني والسلم الاجتماعي، وينذر بعودة قوية لـإضرابات التعليم بالمغرب ووقفات احتجاجية التعليم.


جذور الأزمة: تراجع الوزارة عن الالتزامات المتفق عليها


يكمن جوهر الأزمة الحالية في ما تصفه النقابات بـ"الانقلاب على الاتفاقات المبرمة"، خاصة تلك المتعلقة باتفاقي 10 و26 دجنبر 2023 ومواد النظام الأساسي الجديد لموظفي الوزارة. هذه التراجعات، وفقًا لـبلاغات النقابات التعليمية، تمثل خرقًا صارخًا للتعاقدات الاجتماعية وتضرب عرض الحائط بمؤسسة الحوار الاجتماعي في قطاع التعليم الذي له ضوابطه وأعرافه. وقد أدت هذه الممارسات إلى تنامي التذمر واليأس وفقدان الثقة، مغذية بذلك أرضية خصبة للاحتقان والاحتجاج.


أبرز المطالب المعلقة وتهديدات النقابات


يركز التنسيق النقابي الخماسي، الذي يضم الجامعة الوطنية للتعليم (UMT)، النقابة الوطنية للتعليم (CDT)، الجامعة الحرة للتعليم (UGTM)، الجامعة الوطنية للتعليم (FDT)، والنقابة الوطنية للتعليم (FNE التوجه الديمقراطي)، على جملة من المطالب الحيوية التي يعتبرون أن الوزارة تتلكأ في تنفيذها:

  • التعويضات المستحقة: تطالب النقابات بالإقرار الفوري لـالتعويض التكميلي لأساتذة التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والأطر المختصة، إضافة إلى صرف التعويض عن العمل بـالمناطق النائية والصعبة منذ شتنبر 2024. هذه التعويضات تمثل جانبًا حيويًا لتحسين ظروف عمل الأسرة التعليمية وتعزيز جاذبية مهن التعليم في هذه المناطق.

  • ساعات العمل: من بين المطالب الملحة أيضًا، مراجعة وتخفيض عدد ساعات العمل لـأطر التدريس بالأسلاك الثلاثة والأطر العاملة بالمؤسسات التعليمية. ترى النقابات أن تخفيف العبء الساعي سيسهم في تحسين جودة التعليم وظروف عمل المدرسين.

  • تأويل المادة 81 من النظام الأساسي: تطالب النقابات بـإعمال التأويل الإيجابي للمادة 81 من النظام الأساسي، وغيرها من الاتفاقات التي لا تزال موضع لقاءات وحوارات مشتركة. هذا التأويل يهم حقوقًا ومكتسبات تخص فئات معينة من موظفي التعليم، ويعد نقطة خلاف رئيسية.

  • احترام القرار الوزاري 077.24: تشدد النقابات على ضرورة احترام القرار الوزاري رقم 077.24 بخصوص محاضر الدخول والخروج لـفئة المختصين التربويين والمختصين الاجتماعيين. هذا القرار ينظم جوانب أساسية من عمل هذه الفئات، وعدم الالتزام به يخلق ارتباكًا ويضر بمصالح المعنيين.

  • رفض الدورات التكوينية الارتجالية: عبر التنسيق النقابي عن رفضه القاطع لبرمجة دورات تكوينية بعد موعد توقيع محاضر الخروج، مبررًا ذلك بـالارتجالية والتردد في تدبير التكوين المتعلق بـمشروع المدرسة الرائدة**. وتعتبر النقابات أن الوزارة تتحمل مسؤولية هذا التدبير غير الفعال، داعية رجال التعليم ونساءه إلى مقاطعة هذه الدورات التكوينية مع الاستعداد لـكل أشكال التصعيد ابتداء من الدخول المدرسي المقبل.

  • مع تصاعد وتيرة المطالب النقابية بضرورة الإسراع في تنفيذ الوعود والإجراءات المتعلقة بأطر التوجيه والتخطيط التربوي. تأتي هذه الدعوات بعد اجتماع مكثف للسكرتاريات الوطنية لأطر التوجيه والتخطيط التربوي، حيث جرى تقييم شامل للملف المطلبي ومستجدات تنفيذ المادة 76 من المرسوم 140-24-2.


    تسريع الإدماج وإصدار قرارات التكوين


    تُعد قضية الإدماج في إطار مفتش من أبرز النقاط التي تركز عليها النقابات. فبعد استكمال جميع أطوار التكوين الخاص بالمستشارين في التوجيه والتخطيط التربوي، تطالب النقابات بضرورة تسريع وزارة التربية الوطنية بإجراءات الإدماج في إطار مفتش، مؤكدة على أن استكمال التكوين يمثل الأساس لإنجاز هذه الخطوة. كما تدعو النقابات الوزارة إلى إصدار مقرر التكوين الخاص بالفوج الثاني من المستشارين في التوجيه والتخطيط التربوي، مع تأكيدها على أهمية استئناف هذا التكوين في شهر سبتمبر المقبل.


    رفض "تعويم المهام" وتفعيل التعويضات


    تعبر النقابات عن رفضها القاطع لتعويم مهام المستشارين في التوجيه التربوي وتكليفهم بمهام تتجاوز اختصاصاتهم المنصوص عليها في النظام الأساسي. هذا الموقف يعكس حرص النقابات على الحفاظ على التخصصات وضمان فعالية الأدوار المنوطة بأطر التوجيه والتخطيط.

    وعلى صعيد التعويضات، تطالب النقابات الوزارة بمراسلة الأكاديميات الجهوية لتسريع إجراءات التعويض اليومي عن التكوين الخاص، وذلك تماشياً مع المادة 04 من القرار 24-3075. كما تدعو إلى تفعيل التعويضات الجزافية لأطر التخطيط التربوي وتعويضات التنقل لأطر التوجيه التربوي، إضافة إلى إقرار تعويضات خاصة للمستشارين في التوجيه التربوي العاملين بإعداديات الريادة بما يتناسب مع تدخلاتهم ومساهماتهم القيمة.


    تسوية الأوضاع الإدارية والمالية وإشراك النقابات


    لم تغفل النقابات المطالبة بتسوية الوضعية الإدارية والمالية لما تبقى من فوجي 2022 و2024 والمترقين برسم 2023 و2024 إلى السلم 11. كما تشدد على ضرورة تمكين أطر التوجيه والتخطيط من عدة العمل اللازمة، مثل الحواسيب وشرائح الهاتف، بالإضافة إلى صرف المستحقات المتأخرة عن بعض المهام وتعويضات مراقبة الجودة.

    وفي خطوة تؤكد على مبدأ الشراكة والحوار، تطالب النقابات بضرورة إشراك النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية في صياغة قرار تدقيق المهام لموظفي وزارة التربية الوطنية، وذلك لضمان شفافية وعدالة القرارات المتعلقة بتحديد الأدوار والمسؤوليات.


    دعوة للتعبئة والاستعداد للنضال


    تؤكد اللجان الوطنية لأطر التوجيه والتخطيط التربوي على أن مطالبها تأتي في إطار التنزيل السليم للمادة 76، والتي تمثل حقًا مكتسبًا بعد سنوات طويلة من النضال. وتدعو جميع أطر التوجيه والتخطيط التربوي إلى التعبئة واليقظة والاستعداد لخوض كافة الأشكال النضالية الكفيلة بتحقيق المطالب المشروعة، وذلك إيمانًا بمبدأ "من لا تنظيم له لا قوة له ومن لا قوة له لا حقوق له".


تهديد بعودة الاحتقان وإضرابات التعليم بالمغرب


لوح التنسيق النقابي الخماسي بـالعودة إلى الاحتجاج نتيجة توفر شروطه، في إشارة واضحة إلى الممارسات التي تقوم بها الحكومة والوزارة الوصية. هذا التهديد يؤكد على أن السلم الاجتماعي في قطاع التعليم بات على المحك، وأن عدم الاستجابة للمطالب العادلة للنقابات سيؤدي حتمًا إلى تصعيد غير مسبوق.

إن حالة "الاحتقان" هذه تذكرنا بفترات سابقة من التوتر في قطاع التعليم، حيث كانت النقابات التعليمية المغرب دائمًا في طليعة المدافعين عن حقوق الشغيلة التعليمية. ومع قرب الدخول المدرسي المقبل، يبدو أن الأفق لا يشي بتهدئة قريبة، بل على العكس، تتجه الأمور نحو مزيد من التصعيد، ما قد يؤثر سلبًا على سير الدراسة ومستجدات الساحة التعليمية بشكل عام.


دعوات إلى التعقل الزمني والموضوعي


يدعو البيان المشترك للنقابات الحكومة والوزارة إلى "التعقل الزمني والموضوعاتي" إزاء تنزيل بنود الاتفاقات ومواد النظام الأساسي الجديد، فضلاً عن توافقات أشغال اللقاءات التقنية. هذا يعني ضرورة أن تكون الاجتماعات المقبلة "مسؤولة وناجعة ومنتجة"، وأن تلتزم الوزارة بما تم اعتماده في اللجنة العليا.

إن الحوار الاجتماعي الفعال والجاد هو السبيل الوحيد لتجاوز هذه الأزمة. فـوظائف التعليم بالمغرب لا تقتصر على التدريس فحسب، بل تمتد لتشمل استقرار العاملين بالقطاع ومحفزاتهم المهنية. ومع تزايد الحديث عن إصلاح التعليم والمدرسة الرائدة المغرب، يبدو أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب أولاً وقبل كل شيء تسوية شاملة للمطالب النقابية ووضع حد للتراجعات عن الالتزامات.


توقعات لما بعد الدخول المدرسي


مع التلويح بـمقاطعة الدورات التكوينية والاستعداد لـأشكال التصعيد ابتداء من الدخول المدرسي المقبل، يتوقع أن يشهد القطاع التعليمي فترة حافلة بالتوتر. فـأخبار التعليم اليوم لا تقتصر على القرارات الوزارية، بل تشمل كذلك دينامية الحوار الاجتماعي وتأثيره المباشر على حياة آلاف الأساتذة والموظفين.

في ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال المحوري هو: هل ستستجيب وزارة التربية الوطنية لدعوات التعقل وتستأنف الحوار الجاد والمنتج لتجنب سيناريو التصعيد؟ أم أننا سنشهد فصلاً جديدًا من الاحتجاجات التي قد تعصف بالاستقرار الدراسي وتؤثر سلبًا على مستقبل الأجيال؟

Commentaires

Noté 0 étoile sur 5.
Pas encore de note

Ajouter une note
bottom of page