رِحْلَةُ إِصْلَاحِ التَّعْلِيمِ بِالْمَغْرِبِ: تحديات وآفَاقٌ مُتَجَدِّدَةٌ
- TA3LIM24
- 8 juil.
- 10 min de lecture

يُعَدُّ قِطَاعُ التَّعْلِيمِ فِي أَيِّ أُمَّةٍ مِرْآةً لِتَطَوُّرِهَا وَرَكَامَةِ طُمُوحَاتِهَا، وَلَطَالَمَا كَانَ إِصْلَاحُ التَّعْلِيمِ فِي المَغْرِبِ مِحْوَرًا لِلنِّقَاشِ، وَبُؤْرَةً لِلْجُهُودِ، وَمَصْدَرًا لِلتَّحَدِّيَاتِ المُتَجَدِّدَةِ عَبْرَ عُقُودٍ مِنَ الزَّمَنِ. هَذِهِ الرِّحْلَةُ لَمْ تَكُنْ خَطِّيَّةً، بَلْ تَشَابَكَتْ فِيهَا الرُّؤَى، وَتَعَاقَبَتْ عَلَيْهَا المَرَاسِيمُ، وَتَلَوَّنَتْ بِتَحَوُّلاَتٍ اجْتِمَاعِيَّةٍ وَاقْتِصَادِيَّةٍ عَمِيقَةٍ. مِنْ مُنْطَلَقِ الاِسْتِقْلَالِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، سَعَتِ المَدْرَسَةُ المَغْرِبِيَّةُ جَاهِدَةً لِتَلْبِيَةِ طُمُوحَاتِ الأَجْيَالِ، مُوَاجِهَةً عَقَبَاتٍ مُتَفَاوِتَةً، وَبَاحِثَةً دَوْمًا عَنْ مُعَادَلَةٍ تَقُومُ عَلَى الجَوْدَةِ وَالإِنْصَافِ وَمُوَكَبَةِ المُسْتَجَدَّاتِ.
التَّعْلِيمُ فِي فَتْرَةِ مَا بَعْدَ الاِسْتِقْلَالِ: أَسُسٌ وَتَحَدِّيَاتٌ أُولَى
بَعْدَ اسْتِعَادَةِ المَغْرِبِ لِسِيَادَتِهِ فِي عَامِ 1956، وَجَدَتِ الأُمَّةُ نَفْسَهَا أَمَامَ تَحَدٍّ جَسِيمٍ يَتَمَثَّلُ فِي بِنَاءِ نِظَامٍ تَرْبَوِيٍّ مَغْرِبِيٍّ يُعَبِّرُ عَنْ هُوِيَّتِهَا وَيُلَبِّي حَاجَاتِ تَطْوِيرِهَا. كَانَ الهَدَفُ الأَسَاسِيُّ هُوَ مَغْرَبَةُ التَّعْلِيمِ وَتَوْحِيدُهُ وَتَعْمِيمُهُ. لَقَدْ وَرِثَ المَغْرِبُ تَعْلِيمًا مُجَزَّأً، بَيْنَ تَعْلِيمٍ عَصْرِيٍّ يُشْبِهُ النَّمُوذَجَ الفَرَنْسِيَّ، وَتَعْلِيمٍ أَصِيلٍ (دِينِيٍّ)، وَتَعْلِيمٍ تَقْلِيدِيٍّ. هَذَا التَّشَتُّتُ كَانَ يَتَطَلَّبُ رُؤْيَةً وَطَنِيَّةً مُوَحَّدَةً.
شَهِدَتِ سِتِّينَاتُ القَرْنِ المَاضِي جُهُودًا مُكَثَّفَةً لِتَعْمِيمِ التَّعْلِيمِ وَتَوْحِيدِ المَنَاهِجِ، وَكَانَتْ وِزَارَةُ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ فِي تِلْكَ الفَتْرَةِ تَعْمَلُ عَلَى وَضْعِ لَبِنَاتِ المُقَرَّرَاتِ الدِّرَاسِيَّةِ بِالمَغْرِبِ الَّتِي تُوَائِمُ الهُوِيَّةَ الوَطَنِيَّةَ وَالْمُتَطَلَّبَاتِ الجَدِيدَةَ. غَيْرَ أَنَّ التَّعْمِيمَ السَّرِيعَ وَالنَّقْصَ فِي البُنْيَاتِ التَّحْتِيَّةِ وَالأُطُرِ التَّرْبَوِيَّةِ، خَلَقَ ضُغُوطًا هَائِلَةً عَلَى هَذَا النِّظَامِ النَّاشِئِ. ظَهَرَتْ مُشْكِلاَتُ الاِكْتِظَاظِ، وَقِلَّةِ التَّجْهِيزَاتِ، وَتَحَدِّيَاتُ التَّوَجُّهِ الدِّرَاسِيِّ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مَدْرُوسًا بِشَكْلٍ كَافٍ لِيَتَوَافَقَ مَعَ حَاجَاتِ سُوقِ الشُّغْلِ آنَذَاكَ. لَقَدْ كَانَتْ تِلْكَ المَرْحَلَةُ تُرَكِّزُ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى الْكَمِّ لِتَلْبِيَةِ حَقِّ المَوَاطِنِ فِي التَّعْلِيمِ، دُونَ التَّرْكِيزِ الكَافِي عَلَى الجَوْدَةِ فِي بَعْضِ الأَحْيَانِ.
عُقُودُ السَّبْعِينَاتِ وَالثَّمَانِينَاتِ: بَحْثٌ عَنْ تَحْسِينِ الجَوْدَةِ
مَعَ دُخُولِ السَّبْعِينَاتِ، أَصْبَحَ الهَمُّ الأَكْبَرُ هُوَ جَوْدَةُ التَّعْلِيمِ. بَدَأَتِ الوِزَارَةُ فِي إِعَادَةِ النَّظَرِ فِي المَنَاهِجِ، وَتَرْكِيزِ الاِهْتِمَامِ عَلَى تَكْوِينِ الأَسَاتِذَةِ. ظَهَرَ مُصْطَلَحُ التَّكْوِينِ المِهْنِيِّ بِقُوَّةٍ كَأَحَدِ الرَّوَافِدِ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تُغَذِّيَ سُوقَ العَمَلِ بِخِرِّيجِينَ مُؤَهَّلِينَ، بَعْدَ أَنْ تَوَضَّحَ أَنَّ التَّعْلِيمَ العَامَّ لَا يُلَبِّي كُلَّ الاحْتِيَاجَاتِ. كَانَتْ هُنَاكَ مَبَادَرَاتٌ لِتَحْسِينِ المَدَارِسِ العُمُومِيَّةِ بِالمَغْرِبِ مِنْ حَيْثُ البُنْيَةِ وَالْمُحْتَوَى. غَيْرَ أَنَّ التَّحَدِّيَاتِ الدِّيمُغْرَافِيَّةَ ظَلَّتْ قَائِمَةً، مَعَ ازْدِيَادِ أَعْدَادِ الطُّلَّابِ كُلَّ سَنَةٍ.
فِي الثَّمَانِينَاتِ، وَمَعَ تَصَاعُدِ الضُّغُوطِ الاِقْتِصَادِيَّةِ، بَدَأَتْ تَظْهَرُ حَاجَةٌ مُلِحَّةٌ لِمُرَاجَعَةٍ شَامِلَةٍ لِلنِّظَامِ. لَقَدْ بَرَزَتْ مُشْكِلاَتُ التَّسَرُّبِ المَدْرَسِيِّ وَضَعْفِ المُسْتَوَى، وَأَصْبَحَ الحَدِيثُ عَنْ الإِصْلاَحِ التَّرْبَوِيِّ بِالمَغْرِبِ أَمْرًا حَتْمِيًّا. كَانَتْ الوِزَارَةُ تُصْدِرُ المُذَكِّرَاتِ الوِزَارِيَّةَ بَيْنَ الفَيْنَةِ وَالأُخْرَى، مُحَاوِلَةً ضَبْطَ الإِيقَاعِ وَمُعَالَجَةَ النَّقَائِصِ، لَكِنَّ هَذِهِ الجُهُودَ لَمْ تُحَقِّقِ الطَّفْرَةَ المَرْجُوَّةَ بِسَبَبِ عَدَمِ وُجُودِ رُؤْيَةٍ اسْتِرَاتِيجِيَّةٍ طَوِيلَةِ الأَمَدِ وَشَامِلَةٍ لِكُلِّ مُكَوِّنَاتِ المَنْظُومَةِ. كَمَا بَدَأَ بَعْضُ الأَوْلِيَاءِ يَلْجَؤُونَ إِلَى المَدَارِسِ الخُصُوصِيَّةِ بِالمَغْرِبِ كَبَدِيلٍ يَرْجُونَ فِيهِ جَوْدَةً أَفْضَلَ، مِمَّا بَدَأَ يُعَمِّقُ الفَوَارِقَ بَيْنَ التَّعْلِيمِ العُمُومِيِّ وَالْخُصُوصِيِّ.
التِّسْعِينَاتُ وَمِيثَاقُ التَّرْبِيَةِ وَالتَّكْوِينِ: نُقْطَةُ تَحَوُّلٍ
تُعَدُّ تِسْعِينَاتُ القَرْنِ المَاضِي مَرْحَلَةً فَارِقَةً فِي تَارِيخِ إِصْلَاحِ التَّعْلِيمِ بِالمَغْرِبِ. فَقَدْ أَدْرَكَ المَسْؤُولُونَ ضَرُورَةَ وُجُودِ إِصْلاَحٍ عَمِيقٍ وَشَامِلٍ. تُوِّجَتْ هَذِهِ الجُهُودُ بِإِعْدَادِ المِيثَاقِ الوَطَنِيِّ لِلتَّرْبِيَةِ وَالتَّكْوِينِ عَامَ 1999، الَّذِي اعْتُبِرَ خَارِطَةَ طَرِيقٍ عَشْرِيَّةً لِإِصْلَاحِ المَنْظُومَةِ. لَقَدْ جَاءَ المِيثَاقُ بِرُؤْيَةٍ وَاضِحَةٍ لِتَطْوِيرِ كُلِّ جَوَانِبِ التَّعْلِيمِ، مِنْ التَّعْلِيمِ الأَوَّلِيِّ بِالمَغْرِبِ حَتَّى التَّعْلِيمِ العَالِي.
رَكَّزَ المِيثَاقُ عَلَى مَبَادِئَ أَسَاسِيَّةٍ مِثْلِ تَعْمِيمِ التَّعْلِيمِ وَضَمَانِ جَوْدَتِهِ، وَإِرْسَاءِ التَّرْبِيَةِ عَلَى القِيَمِ، وَتَقْوِيَةِ التَّوَجُّهِ التَّرْبَوِيِّ لِلطُّلَّابِ بِمَا يُنَاسِبُ قُدُرَاتِهِمْ وَحَاجَاتِ سُوقِ الشُّغْلِ. أَوْلَى المِيثَاقُ أَهَمِّيَّةً كَبِيرَةً لِتَطْوِيرِ المَنَاهِجِ التَّعْلِيمِيَّةِ، وَتَجْدِيدِ طُرُقِ التَّدْرِيسِ، وَتَعْزِيزِ دَوْرِ مُسْتَشَارِي التَّوْجِيهِ. كَانَ الهَدَفُ هُوَ بِنَاءَ مَدْرَسَةٍ جَدِيدَةٍ، مُنْفَتِحَةٍ عَلَى مُتَطَلَّبَاتِ العَصْرِ، قَادِرَةٍ عَلَى تَكْوِينِ مُوَاطِنِينَ مُبْدِعِينَ وَمُسَاهِمِينَ فِي التَّنْمِيَةِ.
شَهِدَتْ تِلْكَ الفَتْرَةُ بَدْءَ حَدِيثٍ جَادٍّ عَنْ الشُّعَبِ الدِّرَاسِيَّةِ وَضَرُورَةِ تَنَوُّعِهَا لِتَلْبِيَةِ مُخْتَلِفِ المَيُولِ وَالْقُدُرَاتِ. كَمَا أُعْطِيَتْ أَهَمِّيَّةٌ لِتَحْسِينِ ظُرُوفِ اجْتِيَازِ الامْتِحَانَاتِ الوَطَنِيَّةِ لِضَمَانِ الشَّفَافِيَّةِ وَتَكَافُؤِ الفُرَصِ. لَقَدْ تَمَّ إِطْلاَقُ عَدِيدٍ مِنَ البَرَامِجِ التَّعْلِيمِيَّةِ بِهَدَفِ تَنْزِيلِ مَبَادِئِ المِيثَاقِ عَلَى أَرْضِ الوَاقِعِ، وَتَحْقِيقِ أَهْدَافِ الإِصْلاَحِ المَنْظُومِيِّ لِلتَّعْلِيمِ.
الأَلْفِيَةُ الثَّالِثَةُ وَمَرْحَلَةُ التَّقْيِيمِ وَالتَّصْوِيبِ
مَعَ بِدَايَةِ الأَلْفِيَّةِ الثَّالِثَةِ، وَبَعْدَ مُرُورِ فَتْرَةٍ عَلَى تَنْزِيلِ المِيثَاقِ، بَدَأَتْ تَبْرُزُ بَعْضُ النَّقَائِصِ وَالتَّحَدِّيَاتِ فِي التَّطْبِيقِ. لَمْ تُحَقَّقْ بَعْضُ الأَهْدَافِ بِالْجَوْدَةِ المَرْجُوَّةِ، وَظَلَّتْ مُشْكِلاَتُ التَّسَرُّبِ وَضَعْفِ الجَوْدَةِ فِي بَعْضِ المَسَالِكِ قَائِمَةً. هُنَا بَدَأَ الحَدِيثُ عَنْ البَرْنَامَجِ الاسْتِعْجَالِيِّ (2009-2012) كَمُحَاوَلَةٍ لِتَصْوِيبِ العُيُوبِ وَتَسْرِيعِ وَتِيرَةِ الإِصْلاَحِ.
رَكَّزَ البَرْنَامَجُ الاسْتِعْجَالِيُّ عَلَى جَوَانِبَ مُعَيَّنَةٍ مِثْلِ تَعْمِيمِ التَّعْلِيمِ الأَوَّلِيِّ، وَتَدْعِيمِ الدَّعْمِ التَّرْبَوِيِّ، وَتَحْسِينِ حَكَمَةِ المَنْظُومَةِ. لَقَدْ كَانَ يُرَكِّزُ عَلَى إِجْرَاءَاتٍ مُحَدَّدَةٍ بِهَدَفِ تَسْرِيعِ الوَتِيرَةِ، لَكِنَّهُ وَاجَهَ أَيْضًا عَقَبَاتٍ فِي التَّنْزِيلِ، وَلَمْ يُحَقِّقْ كُلَّ أَهْدَافِهِ بِالشَّكْلِ المَطْلُوبِ. ظَلَّتْ المَدْرَسَةُ المَغْرِبِيَّةُ تُعَانِي مِنْ ضُغُوطٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَظَهَرَ بَعْضُ التَّذَمُّرِ مِنْ مُسْتَوَى التَّعْلِيمِ، خَاصَّةً فِي المَدَارِسِ العُمُومِيَّةِ.
فِي هَذِهِ الفَتْرَةِ، بَدَأَ يَظْهَرُ الاِهْتِمَامُ بِتَطْوِيرِ الدُّرُوسِ الخُصُوصِيَّةِ كَنَمُوذَجٍ تَعْلِيمِيٍّ مُكَمِّلٍ، حَيْثُ لَجَأَ الكَثِيرُ مِنَ الأَوْلِيَاءِ إِلَيْهَا لِتَعْزِيزِ مُسْتَوَى أَبْنَائِهِمْ. كَمَا بَدَأَتِ المَعَاهِدُ وَالمَدَارِسُ العُلْيَا تُصْبِحُ هَدَفًا أَسَاسِيًّا لِلطُّلَّابِ المُمْتَازِينَ الَّذِينَ يَسْعَوْنَ إِلَى آفَاقِ الدِّرَاسَةِ وَالمِهَنِ الواعِدَةِ. لَقَدْ أَصْبَحَتْ هَذِهِ الكَلِمَاتُ مُتَدَاوَلَةً بِشَكْلٍ كَبِيرٍ فِي حَدِيثِ النَّاسِ عَنِ التَّعْلِيمِ وَمُسْتَقْبَلِ الأَبْنَاءِ.
الرُّؤْيَةُ الاِسْتِرَاتِيجِيَّةُ 2015-2030: نَفَسٌ جَدِيدٌ لِلْإِصْلَاحِ
اسْتِجَابَةً لِلتَّحَدِّيَاتِ المُتَرَاكِمَةِ، وَفِي إِطَارِ الاِسْتِقْرَارِ وَالاِزْدِهَارِ الَّذِي يَعْرِفُهُ المَغْرِبُ، تَمَّ وَضْعُ الرُّؤْيَةِ الاِسْتِرَاتِيجِيَّةِ لِإِصْلَاحِ المَدْرَسَةِ المَغْرِبِيَّةِ 2015-2030. هَذِهِ الرُّؤْيَةُ جَاءَتْ لِتَتَجَاوَزَ الطَّابَعَ الوَقْتِيَّ لِلْإِصْلاَحَاتِ السَّابِقَةِ، وَتَبْنِي عَلَى تَرَادُفٍ وَتَكَامُلٍ بَيْنَ المُكَوِّنَاتِ. لَقَدْ تَمَّ وَضْعُهَا بِتَشَارُكٍ وَاسِعٍ بَيْنَ مُخْتَلِفِ الفَاعِلِينَ فِي قِطَاعِ التَّعْلِيمِ، وَتَتَضَمَّنُ أَرْبَعَ رَافِعَاتٍ أَسَاسِيَّةٍ لِتَحْقِيقِ مَدْرَسَةِ الإنصَافِ وَالجَوْدَةِ وَالِارْتِقَاءِ.
تُشَدِّدُ هَذِهِ الرُّؤْيَةُ عَلَى تَجْدِيدِ النِّظَامِ التَّرْبَوِيِّ المَغْرِبِيِّ بِشَكْلٍ شَامِلٍ، مُرَكِّزَةً عَلَى تَعْزِيزِ دورِ الأُسْتَاذِ، وَتَطْوِيرِ البَرَامِجِ الدِّرَاسِيَّةِ، وَالِانْفِتَاحِ عَلَى التِّكْنُولُوجِيَاتِ الحَدِيثَةِ، مِمَّا جَعَلَ التَّعْلِيمَ عَنْ بُعْدٍ كَلِمَةً دَالَّةً ذَاتَ أَهَمِّيَّةٍ مُتَزَايِدَةٍ، خَاصَّةً بَعْدَ جَائِحَةِ كُوفِيد-19 الَّتِي فَرَضَتْهُ كَخِيَارٍ حَتْمِيٍّ لِاسْتِمْرَارِيَّةِ الدِّرَاسَةِ. لَقَدْ أَبْرَزَتِ الجَائِحَةُ ضَرُورَةَ الاِسْتِثْمَارِ فِي البُنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ الرَّقْمِيَّةِ لِلتَّعْلِيمِ.
تَعْمَلُ وِزَارَةُ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ فِي إِطَارِ هَذِهِ الرُّؤْيَةِ عَلَى تَنْزِيلِ مَشَارِيعَ مُهَيْكَلَةٍ لِتَحْقِيقِ أَهْدَافِهَا. مِنْ بَيْنِ أَوْلَوِيَّاتِها تَحْسِينُ مُسْتَوَى التَّحَكُّمِ فِي اللُّغَاتِ، وَتَقْوِيَةُ مَهَارَاتِ الحَيَاةِ، وَتَشْجِيعُ الاِبْتِكَارِ. كَمَا تُولِي اهْتِمَامًا خَاصًّا لِتَطْوِيرِ المُقَرَّرَاتِ الدِّرَاسِيَّةِ بِالمَغْرِبِ لِتُصْبِحَ أَكْثَرَ مُلاَءَمَةً مَعَ مُتَطَلَّبَاتِ سُوقِ الشُّغْلِ وَتَطَوُّرَاتِ العَصْرِ.
تَحَدِّيَاتُ الحَاضِرِ وَآفَاقُ المُسْتَقْبَلِ: رِهَانَاتٌ مُتَجَدِّدَةٌ
رَغْمَ الجُهُودِ المُتَوَاصِلَةِ، لاَ تَزَالُ المَدْرَسَةُ المَغْرِبِيَّةُ تُوَاجِهُ تَحَدِّيَاتٍ جَمَّةً. مِنْهَا تَحَدِّي الجَوْدَةِ الشَّامِلَةِ الَّتِي لاَ تَقْتَصِرُ عَلَى النَّتَائِجِ الأَكَادِيمِيَّةِ فَقَطْ، بَلْ تَمْتَدُّ لِتَشْمَلَ تَكْوِينَ شَخْصِيَّةِ المُتَعَلِّمِ بِكُلِّ أَبْعَادِهَا. هُنَاكَ أَيْضًا تَحَدِّي التَّقَلُّصِ التَّدْرِيجِيِّ لِفُرَصِ الشُّغْلِ الَّتِي لَا تُوَافِقُ مَعَ مَخْرَجَاتِ بَعْضِ الشُّعَبِ الدِّرَاسِيَّةِ، مِمَّا يَفْرِضُ ضَرُورَةَ تَعْزِيزِ التَّكْوِينِ المِهْنِيِّ وَجَعْلِهِ أَكْثَرَ جَاذِبِيَّةً وَمُوَكَبَةً لِسُوقِ العَمَلِ.
تَظَلُّ النَّصَائِحُ لِلتَّوْجِيهِ أَسَاسِيَّةً لِمُسَاعَدَةِ الطُّلَّابِ عَلَى اخْتِيَارِ مَسَارَاتِهِمْ الدِّرَاسِيَّةِ وَالمِهْنِيَّةِ بِوَعْيٍ، مَعَ الأَخْذِ بِعَيْنِ الاعْتِبَارِ آفَاقِ الدِّرَاسَةِ المُسْتَقْبَلِيَّةِ. لَقَدْ أَصْبَحَ دَوْرُ التَّوْجِيهِ التَّرْبَوِيِّ أَكْثَرَ حَيَوِيَّةً مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى، لِيُسَاعِدَ الطُّلَّابَ عَلَى فَهْمِ مَرَاحِلِ التَّوْجِيهِ الدِّرَاسِيِّ بِشَكْلٍ وَاضِحٍ وَشَامِلٍ.
تَعْمَلُ وِزَارَةُ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ عَلَى مُوَاصَلَةِ تَنْزِيلِ مَشَارِيعِ الرُّؤْيَةِ الاِسْتِرَاتِيجِيَّةِ، مُرَكِّزَةً عَلَى تَقْوِيَةِ دَوْرِ مُؤسَّسَاتِ التَّعْلِيمِ فِي التَّنْمِيَةِ المَحَلِّيَّةِ وَالْوَطَنِيَّةِ. هُنَاكَ جُهُودٌ لِتَحْسِينِ ظُرُوفِ عَمَلِ الأَطُرِ التَّرْبَوِيَّةِ، وَتَعْزِيزِ الجَاذِبِيَّةِ لِمِهَنِ التَّعْلِيمِ. كَمَا تُولِي الوِزَارَةُ اهْتِمَامًا خَاصًّا لِتَطْوِيرِ المُقَرَّرَاتِ الدِّرَاسِيَّةِ بِالمَغْرِبِ لِتُصْبِحَ أَكْثَرَ انْفِتَاحًا عَلَى التِّكْنُولُوجِيَا وَالاِبْتِكَارِ.
تَتَزَايَدُ أَهَمِّيَّةُ التَّعْلِيمِ عَنْ بُعْدٍ، ليسَ فَقَطْ كَخِيَارٍ طَارِئٍ، بَلْ كَجُزْءٍ أَسَاسِيٍّ مِنْ مَنْظُومَةٍ تَعْلِيمِيَّةٍ مُتَكَامِلَةٍ تَسْتَفِيدُ مِنَ التِّكْنُولُوجِيَا لِتَوْفِيرِ فُرَصٍ أَكْثَرَ لِلتَّعَلُّمِ وَالتَّكْوِينِ المُسْتَمِرِّ. هَذَا يَتَطَلَّبُ اسْتِثْمَارًا مُتَوَاصِلاً فِي البُنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ الرَّقْمِيَّةِ وَفِي تَكْوِينِ الأَسَاتِذَةِ عَلَى اسْتِخْدَامِ الأَدَوَاتِ الرَّقْمِيَّةِ بِفَعَالِيَّةٍ.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِـ الامْتِحَانَاتِ الوَطَنِيَّةِ، فَإِنَّ الجُهُودَ مُتَوَاصِلَةٌ لِضَمَانِ نَزَاهَتِهَا وَمَصْدَاقِيَّتِهَا، وَلِتَطْوِيرِ آليَّاتِ تَقْيِيمٍ أَكْثَرَ شُمُولِيَّةً تُقَيِّمُ الكَفَاءَاتِ بَدَلًا مِنَ التَّحْصِيلِ المَعْرِفِيِّ فَقَطْ. كَمَا أَنَّ إِدْمَاجَ التَّكْوِينِ المِهْنِيِّ فِي المَسَارِ التَّعْلِيمِيِّ مُبَكِّرًا يُعَدُّ رِهَانًا مُسْتَقْبَلِيًّا لِضَمَانِ مُلاَءَمَةِ التَّكْوِينِ مَعَ حَاجَاتِ سُوقِ الشُّغْلِ.
تَجْدِيدُ الدَّوْرِ التَّرْبَوِيِّ وَالاجْتِمَاعِيِّ لِلْمَدْرَسَةِ
لَا يَقْتَصِرُ دَوْرُ المَدْرَسَةِ المَغْرِبِيَّةِ عَلَى تَقْدِيمِ المَعَارِفِ وَالمَهَارَاتِ الأَكَادِيمِيَّةِ فَقَطْ، بَلْ يَتَعَدَّاهَا إِلَى تَكْوِينِ المُواطِنِ الصَّالِحِ، المُتَشَبِّعِ بِقِيَمِ الهُوِيَّةِ الوَطَنِيَّةِ وَالْمُنْفَتِحِ عَلَى العَالَمِ. هَذَا يَتَطَلَّبُ إِعَادَةَ النَّظَرِ فِي مُجْمَلِ المَنَاهِجِ التَّعْلِيمِيَّةِ لِتَكُونَ أَكْثَرَ تَرْكِيزًا عَلَى الكَفَاءَاتِ العَرْضَانِيَّةِ وَالقِيَمِ الإِنْسَانِيَّةِ.
يُعَدُّ تَحْفِيزُ التَّمَيُّزِ وَالْحَدُّ مِنَ الهَدْرِ المَدْرَسِيِّ مِنْ أَهَمِّ الأَوْلَوِيَّاتِ، وَتَتَمَثَّلُ جُهُودُ وِزَارَةِ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ فِي تَطْوِيرِ بَرَامِجَ دَعْمٍ وَمُوَكَبَةٍ لِلطُّلَّابِ المُتَعَثِّرِينَ، وَكَذَلِكَ لِلطُّلَّابِ المُتَمَيِّزِينَ لِتَوْفِيرِ البِيئَةِ المُنَاسِبَةِ لِتَفَوُّقِهِمْ. هَذَا يَتَطَلَّبُ تَقْوِيَةَ أَدَوَاتِ التَّوْجِيهِ التَّرْبَوِيِّ وَتَوْفِيرَ مُسْتَشَارِينَ مُؤَهَّلِينَ لِتَقْدِيمِ النَّصَائِحِ لِلتَّوْجِيهِ بِشَكْلٍ فَعَّالٍ.
لا يُمْكِنُ الْحَدِيثُ عَنْ إِصْلَاحِ التَّعْلِيمِ دُونَ الإِشَادَةِ بِدَوْرِ الفَاعِلِينَ فِي المَيْدَانِ، مِنَ الأُسْتَاذِ الَّذِي يُمَثِّلُ حَجَرَ الزَّاوِيَةِ فِي أَيِّ عَمَلِيَّةٍ إِصْلاَحِيَّةٍ، إِلَى الإِدَارَةِ التَّرْبَوِيَّةِ الَّتِي تُشْرِفُ عَلَى التَّنْزِيلِ، وَأَوْلِيَاءِ الأُمُورِ الَّذِينَ هُمْ شَرِيكٌ أَسَاسِيٌّ فِي المَسِيرَةِ التَّعْلِيمِيَّةِ. كَمَا أَنَّ لِلْمُجْتَمَعِ المَدَنِيِّ وَالمُنَظَّمَاتِ غَيْرِ الحُكُومِيَّةِ دَوْرًا مُتَنَامِيًا فِي دَعْمِ البَرَامِجِ التَّعْلِيمِيَّةِ وَالْمُسَاهَمَةِ فِي تَرْقِيَةِ جَوْدَةِ التَّعْلِيمِ.
تُشَكِّلُ المَبَارِيَاتُ الوَطَنِيَّةُ لِلتَّوْظِيفِ فِي قِطَاعِ التَّعْلِيمِ نُقْطَةَ اهْتِمَامٍ كَبِيرَةٍ، وَتَسْعَى الوِزَارَةُ لِتَطْوِيرِ مَعَايِيرِ اخْتِيَارٍ تُضْمَنُ الكَفَاءَةُ وَالتَّمَيُّزُ لِلْكادِرِ التَّرْبَوِيِّ الجَدِيدِ. لَقَدْ أَصْبَحَ الاِهْتِمَامُ بِجَوْدَةِ التَّكْوِينِ الأَوَّلِيِّ وَالمُسْتَمِرِّ لِلْمُعَلِّمِينَ أَوْلَوِيَّةً قُصْوَى.
دَوْرُ التِّكْنُولُوجِيَا فِي تَعْزِيزِ إِصْلَاحِ التَّعْلِيمِ
فِي عَصْرِ الثَّوْرَةِ الرَّقْمِيَّةِ، أَصْبَحَتِ التِّكْنُولُوجِيَا رَافِعَةً أَسَاسِيَّةً لِتَطْوِيرِ نِظَامِ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ، وَتَعْزِيزِ جَوْدَةِ التَّعْلِيمِ. لَمْ يَعُدِ التَّعْلِيمُ عَنْ بُعْدٍ خِيَارًا بَلْ ضَرُورَةً، ليسَ فَقَطْ فِي ظَرْفِ الأَزَمَاتِ، بَلْ كَمُكَوِّنٍ أَسَاسِيٍّ لِتَوْسِيعِ نِطَاقِ الوُصُولِ إِلَى المَعْرِفَةِ وَتَوْفِيرِ فُرَصٍ تَعْلِيمِيَّةٍ مُتَنَوِّعَةٍ وَمَرِنَةٍ. يَتَطَلَّبُ ذَلِكَ اسْتِثْمَارًا فِي المَنَصَّاتِ الرَّقْمِيَّةِ، وَتَكْوِينًا مُسْتَمِرًّا لِلمُعَلِّمِينَ وَالمُتَعَلِّمِينَ عَلَى اسْتِخْدَامِ هَذِهِ الأَدَوَاتِ.
تَعْمَلُ وِزَارَةُ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ عَلَى رَقْمَنَةِ خِدْمَاتِهَا، مِمَّا يُسَهِّلُ الوُصُولَ إِلَى المَعْلُومَاتِ وَالْوَثَائِقِ الرَّسْمِيَّةِ مِنْ خِلاَلِ بَوَابَةِ وِزَارَةِ التَّرْبِيَةِ الوَطَنِيَّةِ. كَمَا أَنَّ الرَّقْمَنَةَ تُسَاعِدُ عَلَى تَطْوِيرِ المُذَكِّرَاتِ الوِزَارِيَّةِ وَتَعْمِيمِهَا بِشَكْلٍ أَسْرَعَ وَأَكْثَرَ فَعَالِيَّةً. هَذَا يَدْعَمُ الشَّفَافِيَّةَ وَيُسَهِّلُ التَّوَاصُلَ بَيْنَ مُخْتَلِفِ الفَاعِلِينَ فِي المَنْظُومَةِ.
تُلْعَبُ التِّكْنُولُوجِيَا أَيْضًا دَوْرًا مُهِمًّا فِي تَطْوِيرِ التَّكْوِينِ المِهْنِيِّ، مِنْ خِلاَلِ تَوَفُّرِ المَنَصَّاتِ التَّدْرِيبِيَّةِ الرَّقْمِيَّةِ، وَالدَّوْرَاتِ التَّكْوِينِيَّةِ المُتَخَصِّصَةِ الَّتِي تُواكِبُ تَطَوُّرَاتِ سُوقِ الشُّغْلِ وَحَاجَاتِ الشَّرِكَاتِ.
أَصْبَحَ الحَدِيثُ عَنْ الإِصْلاَحِ المَنْظُومِيِّ لِلتَّعْلِيمِ يَتَضَمَّنُ بِالضَّرُورَةِ بُعْدًا رَقْمِيًّا، حَيْثُ يُعَدُّ إِدْمَاجُ التِّكْنُولُوجِيَا فِي جَمِيعِ مُكَوِّنَاتِ المَنْظُومَةِ حَجَرَ الزَّاوِيَةِ لِتَحْقِيقِ تَحَوُّلٍ حَقِيقِيٍّ وَشَامِلٍ. يَتَطَلَّبُ ذَلِكَ لَيْسَ فَقَطْ تَوَفُّرَ البُنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ، بَلْ أَيْضًا تَغْيِيرَ العَقْلِيَّاتِ وَتَبَنِّيَ طُرُقٍ جَدِيدَةٍ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ.
تَجْرِبَةُ المَدَارِسِ الخُصُوصِيَّةِ وَالعُمُومِيَّةِ: تَكَامُلٌ أَمْ تَبَايُنٌ؟
لطَالَمَا كَانَتْ العَلاَقَةُ بَيْنَ المَدَارِسِ العُمُومِيَّةِ بِالمَغْرِبِ وَالمَدَارِسِ الخُصُوصِيَّةِ بِالمَغْرِبِ مَحَلَّ نِقَاشٍ وَجَدَلٍ. فَبَيْنَمَا تُمَثِّلُ المَدَارِسُ العُمُومِيَّةُ الخِيَارَ الأَسَاسِيَّ لِغَالِبِيَّةِ الأُسَرِ المَغْرِبِيَّةِ، وَهِيَ المُؤَطِّرَةُ الأَكْبَرُ لِلنِّظَامِ التَّرْبَوِيِّ، فَإِنَّ المَدَارِسَ الخُصُوصِيَّةَ تُمَثِّلُ خِيَارًا آخَرَ يُفَضِّلُهُ بَعْضُ الأَوْلِيَاءِ بَحْثًا عَنْ جَوْدَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوِ خِدْمَاتٍ إِضَافِيَّةٍ.
يُعَدُّ إِصْلاَحُ التَّعْلِيمِ فِي جَزْءٍ مِنْهُ يَتَعَلَّقُ بِتَقْلِيصِ الفَجْوَةِ بَيْنَ هَذَيْنِ القِطَاعَيْنِ. فَالْهَدَفُ هُوَ تَعْزِيزُ جَوْدَةِ التَّعْلِيمِ فِي المَدَارِسِ العُمُومِيَّةِ لِتُصْبِحَ قَادِرَةً عَلَى مُنَافَسَةِ نَظِيرَتِهَا الخُصُوصِيَّةِ، وَذَلِكَ بِتَوْفِيرِ الظُّرُوفِ المُلاَئِمَةِ لِلتَّعَلُّمِ وَالتَّعْلِيمِ، مِنْ بُنْيَاتٍ تَحْتِيَّةٍ وَمَنَاهِجَ مُحَدَّثَةٍ وَأَطُرٍ تَرْبَوِيَّةٍ مُؤَهَّلَةٍ.
تُلْعَبُ المُذَكِّرَاتُ الوِزَارِيَّةُ دَوْرًا فِي تَنْظِيمِ هَذَيْنِ القِطَاعَيْنِ وَوَضْعِ الضَّوَابِطِ اللاَّزِمَةِ لِضَمَانِ الجَوْدَةِ وَالِاحْتِرَامِ لِلْقَوَانِينِ المُنَظِّمَةِ. كَمَا تُشَدِّدُ وِزَارَةُ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ عَلَى ضَرُورَةِ تَوَحُّدِ الرُّؤْيَةِ وَالأَهْدَافِ لِخِدْمَةِ مَصْلَحَةِ التَّلْمِيذِ المَغْرِبِيِّ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ المَدْرَسَةِ الَّتِي يَتَلَقَّى فِيهَا تَعْلِيمَهُ.
إِنَّ تَطْوِيرَ المُقَرَّرَاتِ الدِّرَاسِيَّةِ بِالمَغْرِبِ بِشَكْلٍ مُسْتَمِرٍّ، وَتَطْبِيقَ نَفْسِ المَعَايِيرِ عَلَى كِلاَ القِطَاعَيْنِ يُعَدُّ أَمْرًا حَاسِمًا لِضَمَانِ تَكَافُؤِ الفُرَصِ وَإِنْصَافِ جَمِيعِ الطُّلَّابِ. كَمَا أَنَّ تَقْوِيَةَ أَدَوَاتِ التَّوْجِيهِ التَّرْبَوِيِّ تُسَاعِدُ الطُّلَّابَ عَلَى اتِّخَاذِ خِيَارَاتٍ مُنَاسِبَةٍ لِمُسْتَقْبَلِهِمْ، سَوَاءً فِي المَدَارِسِ العُمُومِيَّةِ أَوِ الخُصُوصِيَّةِ، مُسْتَنِدِينَ عَلَى النَّصَائِحِ لِلتَّوْجِيهِ المُوَثَّقَةِ وَالشَّفَّافَةِ.
أَثَرُ التَّوْجِيهِ التَّرْبَوِيِّ عَلَى مُسْتَقْبَلِ الأَجْيَالِ
يَلْعَبُ التَّوْجِيهُ التَّرْبَوِيُّ دَوْرًا مِحْوَرِيًّا فِي بِنَاءِ مُسْتَقْبَلِ الأَجْيَالِ. فَمِنْ خِلاَلِ تَقْدِيمِ النَّصَائِحِ لِلتَّوْجِيهِ المُسْتَنِيرَةِ، يَتَمَكَّنُ الطُّلَّابُ مِنْ فَهْمِ الشُّعَبِ الدِّرَاسِيَّةِ المُتَاحَةِ، وَمُتَطَلَّبَاتِ كُلِّ شُعْبَةٍ، وَكَذَلِكَ آفَاقِ الدِّرَاسَةِ وَالْمِهَنِ الَّتِي تُؤَهِّلُ إِلَيْهَا. هَذَا يُسَاعِدُهُمْ عَلَى اتِّخَاذِ قَرَارَاتٍ مُسْتَنِيرَةٍ تُسْهِمُ فِي نَجَاحِهِمْ الدِّرَاسِيِّ وَالمِهْنِيِّ.
يُعَدُّ التَّكْوِينُ المِهْنِيُّ جُزْءًا أَسَاسِيًّا مِنْ عَمَلِيَّةِ التَّوْجِيهِ، حَيْثُ يُقَدِّمُ خِيَارَاتٍ مُتَنَوِّعَةً لِلطُّلَّابِ الَّذِينَ يُفَضِّلُونَ التَّوَجُّهَ نَحْوَ التَّكْوِينِ الَّذِي يُؤَهِّلُهُمْ مُبَاشَرَةً لِسُوقِ العَمَلِ. كَمَا أَنَّ المَعَاهِدَ وَالمَدَارِسَ العُلْيَا تُمَثِّلُ أَهْدَافًا لِلطُّلَّابِ الَّذِينَ يَطْمَحُونَ لِلتَّخَصُّصِ فِي مَجَالاَتٍ عِلْمِيَّةٍ وَتِقْنِيَّةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، وَيَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْجِيهٍ دَقِيقٍ لِوُلُوجِ هَذِهِ المَسَالِكِ.
المَبَارِيَاتُ الوَطَنِيَّةُ وَتَحَدِّيَاتُهَا
تُمَثِّلُ الامْتِحَانَاتُ الوَطَنِيَّةُ، وَكَذَلِكَ المَبَارِيَاتُ الوَطَنِيَّةُ لِلتَّوْظِيفِ فِي قِطَاعِ التَّعْلِيمِ، نُقْطَةً مِحْوَرِيَّةً فِي مَسِيرَةِ الطُّلَّابِ وَالْخِرِّيجِينَ. فَهِى تُحَدِّدُ مُسْتَقْبَلَ الآلافِ، وَلِذَلِكَ، فَإِنَّ ضَمَانَ نَزَاهَتِهَا وَشَفَافِيَّتِهَا وَمَصْدَاقِيَّتِهَا يُعَدُّ أَوْلَوِيَّةً قُصْوَى لِـ وِزَارَةِ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ.
يَشْمَلُ إِصْلاَحُ التَّعْلِيمِ بِالضَّرُورَةِ تَطْوِيرَ نِظَامِ التَّقْيِيمِ وَالامْتِحَانَاتِ، لِيُصْبِحَ أَكْثَرَ شُمُولِيَّةً وَإِنْصَافًا، وَيُقَيِّمَ الكَفَاءَاتِ الحَقِيقِيَّةَ لِلطُّلَّابِ، بَدَلًا مِنْ مُجَرَّدِ حِفْظِ المَعْلُومَاتِ. كَمَا يَتِمُّ العَمَلُ عَلَى تَطْوِيرِ آليَّاتِ التَّصْحِيحِ وَالنَّشْرِ لِضَمَانِ الشَّفَافِيَّةِ التَّامَّةِ.
تَعْمَلُ المَدْرَسَةُ المَغْرِبِيَّةُ عَلَى تَهْيِئَةِ الطُّلَّابِ لِاجْتِيَازِ هَذِهِ الامْتِحَانَاتِ بِأَفْضَلِ الظُّرُوفِ، مِنْ خِلاَلِ تَوَفُّرِ البَرَامِجِ الدِّرَاسِيَّةِ المُلاَئِمَةِ وَالدَّعْمِ البِيدَاغُوجِيِّ اللاَّزِمِ. كَمَا أَنَّ دَوْرَ التَّوْجِيهِ التَّرْبَوِيِّ يَظَلُّ حَاسِمًا فِي تَوْجِيهِ الطُّلَّابِ نَحْوَ الشُّعَبِ الَّتِي تُنَاسِبُ قُدُرَاتِهِمْ وَتُمَكِّنُهُمْ مِنَ النَّجَاحِ فِي هَذِهِ الامْتِحَانَاتِ وَوُلُوجِ المَعَاهِدِ وَالمَدَارِسِ العُلْيَا أَوِ مَسَالِكِ التَّكْوِينِ المِهْنِيِّ.
المُذَكِّرَاتُ الوِزَارِيَّةُ وَدَوْرُهَا فِي تَحْدِيثِ النِّظَامِ
تُمَثِّلُ المُذَكِّرَاتُ الوِزَارِيَّةُ الصَّادِرَةُ عَنْ وِزَارَةِ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ أَدَاةً رَئِيسِيَّةً لِتَنْظِيمِ وَتَوْجِيهِ العَمَلِ التَّرْبَوِيِّ. فَهِيَ تُفَصِّلُ القَرَارَاتِ وَالتَّوْجِيهَاتِ، وَتُحَدِّدُ الإِجْرَاءَاتِ الَّتِي يَتَعَيَّنُ عَلَى كُلِّ المُؤَسَّسَاتِ التَّرْبَوِيَّةِ التَّقَيُّدَ بِهَا. هَذَا يَتَضَمَّنُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ المَنَاهِجِ التَّعْلِيمِيَّةِ إِلَى تَوْزِيعِ الأَطُرِ، وَتَنْظِيمِ الامْتِحَانَاتِ الوَطَنِيَّةِ.
يَجِبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ المُذَكِّرَاتُ وَاضِحَةً وَشَامِلَةً وَسَهْلَةَ التَّنْزِيلِ عَلَى أَرْضِ الوَاقِعِ، لِتُسْهِمَ بِفَعَالِيَّةٍ فِي تَقْدُّمِ الإِصْلاَحِ التَّرْبَوِيِّ بِالمَغْرِبِ. كَمَا أَنَّ سُرْعَةَ تَعْمِيمِ هَذِهِ المُذَكِّرَاتِ وَتَوْضِيحَهَا لِلْفَاعِلِينَ فِي المَيْدَانِ يُعَدُّ أَمْرًا حَاسِمًا لِضَمَانِ تَطْبِيقِهَا بِشَكْلٍ صَحِيحٍ.
تَعْمَلُ الوِزَارَةُ عَلَى تَحْدِيثِ طُرُقِ نَشْرِ هَذِهِ المُذَكِّرَاتِ، مَعَ الاِعْتِمَادِ عَلَى بَوَابَةِ وِزَارَةِ التَّرْبِيَةِ الوَطَنِيَّةِ كَمَصْدَرٍ رَئِيسِيٍّ لِلمَعْلُومَاتِ الرَّسْمِيَّةِ، مِمَّا يُسَهِّلُ الوُصُولَ إِلَيْهَا لِجَمِيعِ المُهْتَمِّينَ. كَمَا أَنَّ التَّوَاصُلَ المُسْتَمِرَّ وَالْمُكَثَّفَ حَوْلَ مُحْتَوَيَاتِ هَذِهِ المُذَكِّرَاتِ يُسَاعِدُ عَلَى فَهْمِهَا وَتَطْبِيقِهَا بِشَكْلٍ فَعَّالٍ.
المَنَاهِجُ التَّعْلِيمِيَّةُ وَضَرُورَةُ مُوَكَبَةِ العَصْرِ
تُعَدُّ المَنَاهِجُ التَّعْلِيمِيَّةُ قَلْبَ أَيِّ نِظَامٍ تَرْبَوِيٍّ. فِي المَغْرِبِ، خَضَعَتْ هَذِهِ المَنَاهِجُ لِعَدِيدٍ مِنَ المُرَاجَعَاتِ عَبْرَ العُقُودِ، بِهَدَفِ مُوَكَبَةِ التَّطَوُّرَاتِ العِلْمِيَّةِ وَالتِّكْنُولُوجِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ. يَتَطَلَّبُ إِصْلاَحُ التَّعْلِيمِ بِشَكْلٍ مُسْتَمِرٍّ تَحْدِيثَ هَذِهِ المَنَاهِجِ لِتُصْبِحَ أَكْثَرَ مُلاَءَمَةً لِاحْتِيَاجَاتِ سُوقِ العَمَلِ وَمُتَطَلَّبَاتِ العَالَمِ المُعَاصِرِ.
تَعْمَلُ وِزَارَةُ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ عَلَى تَطْوِيرِ المُقَرَّرَاتِ الدِّرَاسِيَّةِ بِالمَغْرِبِ لِتَكُونَ أَكْثَرَ تَرْكِيزًا عَلَى الكَفَاءَاتِ، وَتَشْجِيعِ التَّفْكِيرِ النَّقْدِيِّ، وَتَنْمِيَةِ مَهَارَاتِ حَلِّ المُشْكِلاَتِ، وَغَرْسِ قِيَمِ المُواطَنَةِ. كَمَا أَنَّ إِدْمَاجَ التِّكْنُولُوجِيَا فِي المَنَاهِجِ، وَتَعْزِيزَ التَّعْلِيمِ عَنْ بُعْدٍ، يُعَدُّ مِنْ أَهَمِّ الرَّاهِنَاتِ الحَالِيَّةِ.
لَقَدْ أَصْبَحَتْ الشُّعَبُ الدِّرَاسِيَّةُ أَكْثَرَ تَنَوُّعًا، وَهَذَا يَتَطَلَّبُ تَطْوِيرَ مَنَاهِجَ مُخْتَلِفَةٍ تُنَاسِبُ كُلَّ شُعْبَةٍ عَلَى حِدَةٍ، مَعَ ضَمَانِ التَّكَامُلِ وَالاِنْسِجَامِ بَيْنَهَا. كَمَا أَنَّ مُرَاجَعَةَ المَنَاهِجِ تَتِمُّ بِنَاءً عَلَى التَّقْيِيمَاتِ الدَّوْرِيَّةِ، وَالأَخْذِ بِعَيْنِ الاعْتِبَارِ لِلتَّغَذِيَةِ الرَّاجِعَةِ مِنَ الفَاعِلِينَ فِي المَيْدَانِ.
دَوْرُ التَّكْوِينِ المِهْنِيِّ فِي دَعْمِ الاِقْتِصَادِ الوَطَنِيِّ
يُعَدُّ التَّكْوِينُ المِهْنِيُّ رَافِدًا أَسَاسِيًّا مِنْ رَوَافِدِ التَّنْمِيَةِ الاِقْتِصَادِيَّةِ وَالاجْتِمَاعِيَّةِ. فَمِنْ خِلاَلِ تَوْفِيرِ كَفَاءَاتٍ مُؤَهَّلَةٍ لِسُوقِ العَمَلِ، يُسْهِمُ التَّكْوِينُ المِهْنِيُّ فِي تَلْبِيَةِ حَاجَاتِ القِطَاعَاتِ الاِقْتِصَادِيَّةِ المُخْتَلِفَةِ. لَقَدْ شَهِدَ هَذَا القِطَاعُ تَطَوُّرًا مَلْحُوظًا عَبْرَ العُقُودِ، وَأَصْبَحَ يُشَكِّلُ خِيَارًا مُهِمًّا لِلكَثِيرِ مِنَ الشَّبَابِ.
تَعْمَلُ وِزَارَةُ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ، بِالتَّعَاوُنِ مَعَ الشُّرَكَاءِ الاِقْتِصَادِيِّينَ، عَلَى تَطْوِيرِ عُرُوضِ التَّكْوِينِ المِهْنِيِّ لِتَكُونَ أَكْثَرَ مُلاَءَمَةً مَعَ مُتَطَلَّبَاتِ سُوقِ الشُّغْلِ وَالمِهَنِ المُسْتَقْبَلِيَّةِ. هَذَا يَتَضَمَّنُ تَحْدِيثَ المَنَاهِجِ التَّعْلِيمِيَّةِ لِتَكُونَ مُوَكَبَةً لِلتَّطَوُّرَاتِ التِّكْنُولُوجِيَّةِ، وَتَوَفُّرَ التَّجْهِيزَاتِ الحَدِيثَةِ، وَتَكْوِينَ المُكَوِّنِينَ بِشَكْلٍ مُسْتَمِرٍّ.
يَلْعَبُ التَّوْجِيهُ التَّرْبَوِيُّ دَوْرًا حَاسِمًا فِي تَوْجِيهِ الطُّلَّابِ نَحْوَ مَسَالِكِ التَّكْوِينِ المِهْنِيِّ، مِنْ خِلاَلِ تَقْدِيمِ النَّصَائِحِ لِلتَّوْجِيهِ المُتَخَصِّصَةِ حَوْلَ آفَاقِ الدِّرَاسَةِ فِي هَذَا القِطَاعِ وَفُرَصِ الشُّغْلِ المَتَاحَةِ. كَمَا أَنَّ إِبْرَازَ أَهَمِّيَّةِ التَّكْوِينِ المِهْنِيِّ فِي المُجْتَمَعِ يُعَدُّ أَمْرًا حَاسِمًا لِتَغْيِيرِ النَّظْرَةِ النَّمَطِيَّةِ حَوْلَهُ.
التَّعْلِيمُ الأَوَّلِيُّ بِالمَغْرِبِ: أَسَاسُ البِنَاءِ
يُعَدُّ التَّعْلِيمُ الأَوَّلِيُّ بِالمَغْرِبِ لَبِنَةً أَسَاسِيَّةً فِي أَيِّ إِصْلاَحٍ لِلتَّعْلِيمِ. فَمِنْ خِلاَلِ تَكْوِينِ الطِّفْلِ فِي سِنٍّ مُبَكِّرَةٍ، يَتِمُّ غَرْسُ المَهَارَاتِ الأَسَاسِيَّةِ وَالقِيَمِ الَّتِي تُشَكِّلُ أَسَاسًا لِنَجَاحِهِ الدِّرَاسِيِّ اللاحِقِ. لَقَدْ شَهِدَ هَذَا القِطَاعُ اهْتِمَامًا مُتَزَايِدًا فِي السَّنَوَاتِ الأَخِيرَةِ، خَاصَّةً فِي إِطَارِ الرُّؤْيَةِ الاِسْتِرَاتِيجِيَّةِ.
تَعْمَلُ وِزَارَةُ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ عَلَى تَعْمِيمِ التَّعْلِيمِ الأَوَّلِيِّ وَضَمَانِ جَوْدَتِهِ، وَذَلِكَ بِوَضْعِ المَنَاهِجِ التَّعْلِيمِيَّةِ المُلاَئِمَةِ لِلطِّفْلِ فِي هَذِهِ المَرْحَلَةِ العُمْرِيَّةِ، وَتَكْوِينِ المُؤَطِّرِينَ المُتَخَصِّصِينَ. هَذَا يُسْهِمُ فِي بِنَاءِ أَجْيَالٍ قَادِرَةٍ عَلَى التَّكَيُّفِ مَعَ مُتَطَلَّبَاتِ المَدْرَسَةِ المَغْرِبِيَّةِ وَالتَّفَوُّقِ فِي مَسَارَاتِهَا الدِّرَاسِيَّةِ.
إِنَّ الاِسْتِثْمَارَ فِي التَّعْلِيمِ الأَوَّلِيِّ هُوَ اسْتِثْمَارٌ فِي مُسْتَقْبَلِ الوَطَنِ، فَقَدْ أَثْبَتَتِ الدِّرَاسَاتُ أَنَّ تَحْصِيلَ الطُّلَّابِ الَّذِينَ يَمُرُّونَ بِتَعْلِيمٍ أَوَّلِيٍّ جَيِّدٍ يَكُونُ أَفْضَلَ بِكَثِيرٍ، كَمَا أَنَّهُ يُسْهِمُ فِي تَقْلِيصِ الهَدْرِ المَدْرَسِيِّ وَتَعْزِيزِ تَكَافُؤِ الفُرَصِ بَيْنَ جَمِيعِ الأَطْفَالِ.
خَاتِمَةٌ: إِصْلَاحٌ مُسْتَمِرٌّ لِأَجْلِ مُسْتَقْبَلٍ مُشْرِقٍ
إِنَّ رِحْلَةَ إِصْلَاحِ التَّعْلِيمِ فِي المَغْرِبِ رِحْلَةٌ طَوِيلَةٌ وَمُسْتَمِرَّةٌ، تَتَخَلَّلُهَا الإِنْجَازَاتُ وَالتَّحَدِّيَاتُ. لَقَدْ تَعَاقَبَتْ الرُّؤَى وَالمَشَارِيعُ، وَكُلُّهَا سَعَتْ لِبِنَاءِ مَدْرَسَةٍ مَغْرِبِيَّةٍ قَادِرَةٍ عَلَى تَكْوِينِ أَجْيَالٍ مُتَعَلِّمَةٍ وَمُؤَهَّلَةٍ لِلْمُسَاهَمَةِ فِي التَّنْمِيَةِ.
يَظَلُّ رِهَانُ الجَوْدَةِ وَالإِنْصَافِ هُوَ المِحْوَرَ الأَسَاسِيَّ لِأَيِّ إِصْلاَحٍ مُسْتَقْبَلِيٍّ. فَالْوَصُولُ إِلَى تَعْلِيمٍ جَيِّدٍ وَعَادِلٍ لِجَمِيعِ أَبْنَاءِ الوَطَنِ هُوَ حَقٌّ وَاجِبٌ، وَهُوَ مَفْتَاحُ التَّقَدُّمِ وَالاِزْدِهَارِ. وَتَظَلُّ وِزَارَةُ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ، بِشَرَاكَةٍ مَعَ جَمِيعِ الفَاعِلِينَ، مُلْتَزِمَةً بِهَذَا المَسَارِ، مُسْتَلْهِمَةً مِنَ التَّجَارِبِ السَّابِقَةِ، وَمُتَطَلِّعَةً إِلَى آفَاقٍ مُشْرِقَةٍ لِتَعْلِيمٍ يَسْتَجِيبُ لِتَحَدِّيَاتِ العَصْرِ وَطُمُوحَاتِ الأُمَّةِ.
وَفِي ظِلِّ هَذَا التَّطَوُّرِ، تَبْقَى كُلُّ تِلْكَ الكَلِمَاتِ الَّتِي اِسْتَعْمَلْنَاهَا، مِثْلَ التَّعْلِيمِ عَنْ بُعْدٍ، وَالتَّكْوِينِ المِهْنِيِّ، وَالدُّرُوسِ الخُصُوصِيَّةِ، وَالامْتِحَانَاتِ الوَطَنِيَّةِ، وَالتَّوَجُّهِ الدِّرَاسِيِّ، وَالمَنَاهِجِ التَّعْلِيمِيَّةِ، وَالنِّظَامِ التَّرْبَوِيِّ المَغْرِبِيِّ، وَالمُقَرَّرَاتِ الدِّرَاسِيَّةِ بِالمَغْرِبِ، وَالإِصْلاَحِ التَّرْبَوِيِّ بِالمَغْرِبِ، وَالمَدَارِسِ العُمُومِيَّةِ بِالمَغْرِبِ، وَالمَدَارِسِ الخُصُوصِيَّةِ بِالمَغْرِبِ، وَالتَّعْلِيمِ الأَوَّلِيِّ بِالمَغْرِبِ، وَبَوَابَةِ وِزَارَةِ التَّرْبِيَةِ الوَطَنِيَّةِ، وَالمُذَكِّرَاتِ الوِزَارِيَّةِ، وَالمَبَارِيَاتِ الوَطَنِيَّةِ، وَبَرَامِجِ التَّعْلِيمِ، وَالإِصْلاَحِ المَنْظُومِيِّ لِلتَّعْلِيمِ، وَالْبَرْنَامَجِ الاسْتِعْجَالِيِّ، وَمَرَاحِلِ التَّوْجِيهِ الدِّرَاسِيِّ، وَالشُّعَبِ الدِّرَاسِيَّةِ، وَالنَّصَائِحِ لِلتَّوْجِيهِ، وَمُسْتَشَارِ التَّوْجِيهِ، وَآفَاقِ الدِّرَاسَةِ، وَالمَعَاهِدِ وَالمَدَارِسِ العُلْيَا، كُلُّهَا شَاهِدَةً عَلَى دَيْنَامِيَّةِ هَذَا القِطَاعِ وَحَيَوِيَّتِهِ، وَعَلَى الأَهَمِّيَّةِ الَّتِي يُولِيهَا المَغْرِبُ لِتَعْلِيمِ أَبْنَائِهِ.



Commentaires